سيرة الصحابي علي بن ابي طالب
رضي الله عنه
أبو الحسن علي بن أبي طالب (13 رجب23 ق.هـ/17 مارس599م - 21 رمضان40 هـ/ 28 فبراير661 م) ابن عم محمد بن عبد اللهنبيالإسلام وصهره، من آل بيته، وأحد أصحابه، هو رابع الخلفاء الراشدين عند السنة وأوّل الأئمّة عند الشيعة.
ولد في مكة وتشير بعض مصادر التاريخ بأن ولادته كانت في جوف الكعبة [1] وكافله حين توفي والديه وجده، وأُمّه فاطمة بنت أسد الهاشميّة. أسلم قبل الهجرة النبويّة، وهو ثاني أو ثالث الناس دخولا في الإسلام،
وأوّل من أسلم من الصبيان.
هاجر إلى المدينة المنوّرة بعد هجرة محمد بثلاثة أيّام وآخاه محمد مع نفسه حين آخى بين المسلمين،
وزوجه ابنته فاطمة بنت محمد في السنة الثانية من الهجرة.
شارك علي في كل غزوات الرسول عدا غزوة تبوك حيث خلّفه فيها محمد على المدينة.
وعُرف بشدّته وبراعته في القتال فكان عاملاً مهماً في نصر المسلمين في مختلف المعارك.
لقد كان علي موضع ثقة محمد فكان أحد كتاب الوحي وأحد أهم سفرائهووزرائه.
تعد مكانة علي بن أبي طالب وعلاقته بأصحاب محمد موضع خلاف تاريخي وعقائدي بين الفرق الإسلامية المختلفة
، فيرى بعضهم أن الله اختاره وصيّاً وإماماً وخليفةً للمسلمين، وأنّ محمداً قد أعلن ذلك في ما يعرف بخطبة الغدير،
لذا اعتبروا أنّ اختيار أبي بكر لخلافة المسلمين كان مخالفاً لتعاليم النبي محمد،
كما يرون أنّ علاقة بعض الصحابة به كانت متوتّرة. وعلى العكس من ذلك ينكر بعضهم حدوث مثل هذا التنصيب،
ويرون أنّ علاقة أصحاب محمد به كانت جيدة ومستقرّة.
ويُعدّ اختلاف الاعتقاد حول علي هو السبب الأصلي للنزاع بين السنة والشيعة على مدى العصور.
بويع بالخلافة سنة 35 هـ (656 م) بالمدينة المنورة، وحكم خمس سنوات وثلاث أشهر وصفت بعدم الاستقرار السياسي، لكنها تميزت بتقدم حضاري ملموس خاصة في عاصمة الخلافة الجديدة الكوفة. وقعت الكثير من المعارك بسبب الفتن التي تعد امتدادا لفتنة مقتل عثمان،
مما أدى لتشتت صف المسلمين وانقسامهم لشيعة علي الخليفة الشرعي، وشيعة عثمان المطالبين بدمه على رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي قاتله في صفين،
وعائشة بنت أبي بكر ومعها طلحة بن عبيد اللهوالزبير بن العوام الذين قاتلوه في يوم الجمل؛
كما خرج على علي جماعة عرفوا بالخوارج وهزمهم في النهروان، وظهرت جماعات تعاديه سموا بالنواصب.
وقتل على يد عبد الرحمن بن ملجم
في رمضان سنة 40 هـ661 م.
اشتهر علي عند المسلمين بالفصاحة والحكمة،
فينسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة.
كما يُعدّ رمزاً للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد حسب الروايات الواردة في كتب الحديثوالتاريخ.
كما يُعتبر من أكبر علماء الدين في عصره علماً وفقهاً إنْ لم يكن أكبرهم على الإطلاق كما يعتقد الشيعة وبعض السنة والصوفيّة.
ميلاده ونشأته
لا يعرف يقينا متى ولد علي بن أبي طالب، لكن بحسب بعض مصادر التراث مثل ما ورد في العمدة:
24 فإنه ولد بمكة يوم الجمعةالثالث عشر من رجب بعد ثلاثين عاما من عام الفيل،
أي الموافق 17 مارس599 م أو 600وفقا للموسوعة البريطانية
[2] وتقول مصادر أخرى 23 أكتوبر598 م أو 600 م
[3]. وهو أصغر ولد أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم أحد سادات قريش والمسئول عن السقاية فيها
. ويرجع نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم أحدأنبياء الإسلام. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف،
قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي
، [4] وكان والدا علي قد كفلا محمدًا حين توفي والديه وجده وهو صغير فتربى ونشأ في بيتهما.
تواترت الأخبار بأن عليا بن أبي طالب ولد داخل الكعبة،
حيث يؤكد المؤرخون ورجال الدين الشيعة أنه المولود الوحيد داخل الكعبة وفقا لروايات تقول أن موضع بأحد جدران الكعبة يسمى المستجار قبل الركن اليماني قد انشق لفاطمة بنت أسد حين ضربها الطلق فدخلت الكعبة وولدت علي؛
وروايات أخرى تقول أن أبو طالب فتح لها باب الكعبة فدخلتها وولدت علي بداخلها [5][6][7].
وذكر ذلك في بعض المصادر السنية منها المستدرك للحاكم فجاء فيه:
«تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة»
[8]، وورد هذا الخبر في مواضع أخرى من كتب السنة والشيعة [9]. بينما ينكر بعض علماء الدين والمؤرخين السنة وقوع هذه الحادثة، حيث ضعف السيوطي سند رواية الحاكم
[10]، وضعفها صاحب تهذيب الأسماء
[11]، والثابت عند بعض السنة هو أن حكيما بن حزام هو الذي ولد في جوف الكعبة كما أورد
ذلك الحاكم والذهبيوابن حجر وغيرهم
[12]. تذكر بعض المصادر أن فاطمة أرادت أن تسميه أسدا أو حيدرة تيمنا بأبيها
، بينما أراد أبو طالب أن يسميه زيدا، لكن محمد سماه علي [13]، وفي مصادر أخرى أن أمه جائها هاتف
يأمرها بتسميته علي
[14]، وروي أيضا أن والده وجد لوح مكتوب عليه أبيات من الشعر في مدح ابنه وتسميه علي
[15].
حين كان علي ما بين الخامسة والسادسة من عمره مرت بمكة سنين عسرة وضيق أثّرت على الأحوال الاقتصادية في مكة وما حولها، وكان لأبي طالب ثلاثة أبناء:
علي وعقيل وجعفر،
فذهب إليه محمد وعمه العباس بن عبد المطلب وعرضا عليه أن يأخذ كل منهما ولدا من أبنائه يربيه ويكفله تخفيفا للعبء عليه، فأخذ العباس جعفر وأخذ محمدعليا،
فتربى في بيته وكان ملازما له أينما ذهب
[2][16][17]،
وتذكر بعض المصادر أنه كان يذهب معه إلى غار حراء للتعبدوالصلاة [16][18][19]،
كما يُذكر أنه كان قبل الإسلام حنفيا ولم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولهذا يقول بعض المسلمون "كرم الله وجهه" بعد ذكر اسمه، وقيل لأنه لم ينظر لعورة أحد قط
[20].
اغتياله
كان علي يؤم المسلمين بصلاة الفجر في مسجد الكوفة،
وأثناء الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، وقال جملته الشهيرة:
"فزت ورب الكعبة"،
وتقول بعض الروايات أن علي بن أبي طالب كان في الطريق إلى المسجد حين قتله بن ملجم
ثم حمل على الأكتاف إلى بيته وقال:
«أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي،
واسقوه من شرابي، النفس بالنفس
، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت
فيه رأيي» ونهى عن تكبيله بالأصفاد وتعذيبه. وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فلما علم علي بأنه ميت قام بكتابة وصيته كما ورد في مقاتل الطالبيين
. ظل السم يسري بجسده إلى أن توفي بعدها بثلاثة أيام،
تحديدا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 حسب بعض الأقوال [141]. وبعد مماته تولى عبد الله بن جعفر والحسن والحسين غسل علي بن أبي طالب وتجهيزه ودفنه،
ثم اقتصوا من بن ملجم بقتله ولقب الشيعة علي بن أبي طالب بعدها بشهيد المحراب.
وعبدالرحمن بن ملجم أحد الخوارج كان قد نقع سيفه بسم زعاف لتلك المهمة.
ويُروى أن ابن ملجم كان اتفق مع اثنين من الخوارج على قتل كل من معاوية بن أبي سفيانوعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب يوم 17 رمضان،
فنجح بن ملجم في قتل علي وفشل الآخران.تذكر العديد من كتب الحديث النبوي وكتب التاريخ أن محمد قد تنبأ بمقتل علي، وتعددت رواياتهم حول ذلك ومنها:
«يا علي أبكي لما يُسْتَحَلُّ منك في هذا الشهر،
كأني بك وأنت تريد أن تُصلِّي وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة صالح،
يضربك ضربة على رأسك فيخضب بها لحيتك
»وفقا للشيخ المفيد فإن علي بن أبي طالب طلب من ابنه الحسن أن يدفنه سرا وألا يعرف أحد مكان دفنه،
لكي لا يتعرض قبره للتدنيس من قبل أعدائه.
وظل مدفن علي مجهولا إلى أن أفصح عن مكانه جعفر الصادق في وقت لاحق خلال الخلافة العباسية
. وبحسب الرواية الأكثر قبولا عند الشيعة فإن علي بن أبي طالب دفن في النجف حيث بني مشهد ومسجد الإمام علي الموجود حتى الآن
[ويعتقد بعض من المسلمين خاصة في أفغانستان أن جسد علي بن أبي طالب مدفون بالمسجد الأزرق بمدينة
مزار شريف الأفغانية؛ مستندين إلى روايات تقول
أن أبا مسلم الخراساني قام بنقل جثمان
علي سرا بمساعدة بعض فرسانه إلى تل
حمران بقرية بلخ شمال أفغانستان،
حتى جاء السلطان حسين بيقرة فبني المرقد الحالي في ذلك المكان عام 1480