أطفال سوريا يبكون: ”بيوتنا كسروها.. لعّبنا دمروها.. عم تسمعونا منيح ؟!”
كتبت - شيماء الليثي:
تلعبان كما لم تلعبا من قبل في بلدهما، تعبثان بالورود الملونة وتجريان بين الأشجار والخضرة، مستمتعتان بسنهما الصغير وبراءة طفولتهما، ربما كانت هذه هي المرة التي لعبا بها منذ أن فرا من الظلم والقتل لاجئين إلى مصر مع الأبوين، طفلتان فى عمر البراعم تشق طريقها للحياة، لكن الحرب بسوريا أبت أن تعوق هذا الطريق، فدفعهم ذلك إلى أخذ مسار آخر.. إلى القاهرة.
''منال'' 7 سنوات، و''شيماء'' 10 سنوات ـ شقيقتان سوريتان مفعمتان بالحيوية والطفولة، مرت شهور منذ وصولهما مطار القاهرة؛ حيث الدموع تنهمر منهما من هول ما رأوا في وطنهم تارة ومن حزنهم على فراق الأهل والأصحاب والمدرسة تارة أخرى .
''ضحكاتهما.. مرحهما.. وركضهما''.. كلها أشياء كفيلة بأن تقذف بهجة عارمة إلى القلب، لكن غنائهما الطفولي يدميه ويحرقه على هاتين الطفلتين اللتان تم سلب طفولتهما وأحلامهما التي لا تتجاوز حد ''التمرجح'' واللعب مع الأصدقاء .
بعد أن قُتل العديد من الأهل والأصحاب لم يجد ''أحمد الصالح'' - والد ''منال'' و''شيماء'' - المفر من النجاة بصغيرتيه خشية أن يصيبهما غدر الموت كما أصاب قبلهم من أطفال وشيوخ ونساء .
''جئت إلى مصر هاربا بأسرتي من الموت، الوضع بسوريا تجاوز مرحلة الدولة المنكوبة، وما يعرض بالإعلام لا يصور للعالم الإجرام بحجمه الطبيعي''.. قالها ''الصالح'' مسترجعا ذكريات مؤلمة حملت صوراً لأحباء فقدهم، ولبيت دمره القذف، ولشارع لم يعد به مباني، ولمدن بأكملها أصبحت أشلاء.
أما ''منال'' الصغيرة فإذا ما وقفت لتعرّف نفسها وأختها فإنها تصيح بلهجتها الشامية ''نحنا أطفال سوريين، مهجّرين ومحرومين، بيوتنا دمروها، لعبنا كسروها عم تسمعونا منيح؟''، ثم تبادر بمقطع من أغنية كانت قد حفظتها بعد الحرب بدلا من أغنيات الدراسة الطفولية '' ع بيوتنا بدنا نرجع.. ما بدنا بحارتنا مدفع.. صوت رصاص ما بدنا نسمع ''.
وقبل أن يأخذ السامعين فرصتهم لاستيعاب هذا الكم من الحون والأسى تأتى ''شيماء'' بقطع آخر '' بدى أرسم بيت وشجرة وخلفه جبال، بلاقى قلمى بلش يرسم دبابة وحواليها رجال، نحنا خلقنا حتى نعيش مو لنموت أو نتوجع، من حقي عيّد أتمرجح .. ألعب مع رفقاتى وأفرح '' .
أما آخر ما غنى الطفلتان السوريتان في إحدى ساحات حديقة الأزهر بعد أن أتى الكثير من الزائرين والمارين للتعرف عليهم والاستماع إلى غنائهم فكان '' ما عاد يزقزق العصفور فوق سطوح الدار .. لا مي وشجر ولا زهور .. بلد كله دمار .. حرام ياللى عم بيصير من خوف وقتل وتدمير .. شو ذنب الطفولة يا أصحاب الضمير '' .