الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ، فقد قال الله تعالى : { يأيُّـهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ } [سورة التحريم ] . وقد جاء في تَفسيرِ هذه الآية أنَّ وِقَايَةَ النَّفسِ والأهلِ من عَذابِ النّار تكونُ بِتَعَلُّمِ علوم الدين . وأهمُّ هذه العلوم هو عِلمُ التوحيد لأنّه يتعلَّقُ بِمعرفة الله ورسوله .
ليُعلَم أنّ الله خلَقَ ءادمَ عليه السلام وخلق حَوَّاءَ وجعَلَ ءادمَ نبيّاً رسولاً. وكانت حوّاءُ تَلِدُ في كلّ مرّة ذكراً وأنثى فَوَلَدَتْ أربعين مرّة . وكان في شَرْعِ ءادمَ عليه السلام يجوز للأخ أن يتزوَّجَ أختَهُ من البطن الآخر حتى ينتَشِر نسلُ البشر في الأرض . وقد أفاض الله على ءادم فكان يعرِفُ الكَلامَ وكان يعرف أسماءَ الأشياء كلّها . وقد علّم ءادمُ أولادَهُ أصلَ الاعتقاد فكان يَقُولُ لهم اعبُدُوا الله ولا تشرِكوا به شيئاً ومَن يُشرِك بالله فإن مصيره أن يدخلَ النّار ويخلد فيها . وهكذا كان أولادُهُ على دينِ الإسلام دينِ جميع الأنبياء .
ثم بعد أن جاء النبيُّ إدريس عليه السلام واستمرَّ على هذه الدعوة ، حَدَثَ بعدَهُ أن أشرَكَ بعضُ الناس بعبادَتِهِم لغير الله ، فجاء نوح عليه السلام وكان أوّل نبيّ أُرسِلَ إلى الكفّار يدعو إلى عبادة الله الواحِدِ الذي لا شَريكَ له . ثم بعد ذلك تَتَابَعَ الأنبياءُ وكُلُّ واحدٍ منهم يدعو إلى دين الإسلام . قال الله تعالى : { إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ } [سورة آل عمران ] وقال الله تعالى : { وَمَن يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُّقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [سورة آل عمران ].
ثم جَاء إبراهيم عليه السلام يدعو قَومه إلى الإسلام . قال تعالى : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَّلاَ نَصْرَانِيّاً وَّلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [ سورة آل عمران ] . وغيرُ صحيحٍ ما قيلَ عن إبراهيم إنه عَبَدَ الكوكَبَ وإنَّما أنكَرَ ذلك على قومه .
ثم جاء موسى عليه السلام يدعو أيضاً قومه إلى الإسلام فآمنَ به بعضُ الناس وكذَّبه آخرون ، فكان منهم طائفة كفروا وقالوا : { عُزَيْرٌ ابنُ اللهِ } وبعضُهُم قال : ( إنَّ الله خَلَق السَّمواتِ وَالأرضَ في ستّة أيَّامِ ثُمَّ تَعِبَ فاستلقى على قَفاه ) ، فهؤلاء كُفَّار لَيسوا على عقيدةِ موسى الذي أمَرَهُم بتوحيدِ الله وتَنـزِيهِه . وكان موسى على اعتقادِ أنَّ الله مَوجُودٌ لا يُشْبِهُ الـمَوجودات وأنَّه خالِقُ كُلِّ شىءٍ فَلاَ يحتاج إلى شىء ، خلقَ الضوءَ فهو لا يُشْبِهُهُ وخلقَ الإنسانَ فهو لا يُشْبِهُهُ ، وأنَّ الله لم يَتْعَبْ ولم يحصُلْ له عجزٌ لأنَّه القَوِيُّ الذي لا يَتعب ولا يَتَغَيَّر.
وبعد وفَاةِ موسى جاءَ عيسى المسيح فصارَ يدعو إلى تلك الدَّعوةِ التي دَعا إليها جَميعُ الأنبياء قبلَه وبَشَّر بنبيٍّ يأتي من بعدِهِ اسْمُه أحمد هو مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فآمن به بعضُ النّاسِ وكفَرَ آخرون . وكان هو ثابتاً على الاعتقادِ الصحيحِ . وكان عيسى على اعتقادِ أنَّ الله ليسَ أباً ولا ابناً وليس شيئاً مُرَكَّباً ومُؤَلَّفاً من أجزاء ، تعالى الله عن ذلك . ثم إنَّ أناساً أرادوا قتلَ المسيحِ فحَمَاهُ الله مِنهُمْ وأنزلَ شَبَهَ عيسى على رَجُلٍ من تلاميذه المسلمين ، ورُفِعَ عيسى إلى السماء فدَخَلَ الكَفَرةُ فأخذوا شَبيِهَه وقتلوه وصَلَبوه فليسَ المصلوبُ عيسى بل شبيهه . وعيسى لم يأمُرْ قومَه أن يَعبُدُوه بل أمَرهُم بعبادة الله وحدَه . قال الله تعالى : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ ءَامَنَّا بِاللهِ واشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [سورة ءال عمران] . فقد قال له الحوارِيُّونَ : { وَاشْهَدْ بِأَنـَّا مُسْلِمُونَ } ، فإن عيسى لم يَدعهُم إلى عبادَتِهِ بل إلى عبادة الله وحده . قال تعالى في سورة المائدة : { وإِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ }. ثم في الآية التي تليها : { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } . من هذا يظهَرُ أنَّ عيسى دعا إلى عبادة الله وحده وليس إلى الإشراك .
ثم بعد أن رُفع عيسى عليه السلام جاء مُحمَّد صلى الله عليه وسلم ليُجدِّدَ الدّعوةَ إلى دين الإسلام بعد أن انقَطَع فِيمَا بين النَّاس في الأرض مؤيّداً بالمعجزات الدالّة على نُبوَّته ، فدخل البعضُ في الإسلام وجَحَدَ بنبوَّته أهلُ الضَّلالِ الذين مِنهم مَن كان مُشْرِكاً قَبلاً فازدادوا كفراً إلى كفرِهم .
فالمبدأ الإسلاميُّ الجامعُ لجميع أهل الإسلام هو عبادةُ الله وحدَهُ. ومن خلالِ ما عرضناه يَتَبَيَّنُ لنا أنَّ دينَ الأنبياء كلهم هو دينُ الإسلام ، وأن الدين السماوي هو دينُ الإسلام . فلا يُقال " الأديان السماوية " ، لأن الله لم يأمُر إلا بإتباع دينٍ واحد هو الإسلام . وإنما الذي قد يختلِفُ فيه النبيُّ عن نبيٍّ آخر هو الشريعة . والشريعة هي الأحكام العَمَليّة . مثالُ ذلك أنه كانت من شريعة ءادم ومن بعده إلى زمان بني إسرائيل فرضيَّةُ صلاةٍ واحدةٍ ثم فُرِض على بني إسرائيلَ صلاتان إلى أَن جاء محمَّد صلى الله عليه وسلم فَفُرِضَ عليه خمسُ صلوات . فأصول العقيدة من الإيمان بالله ورسوله ونحو ذلك لا تقتضي مَصْلَحَةُ العبادِ مهما تَطَاوَلَت العُصُور تَغييرَها بخلاف الشرائع . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء : « دينهُمْ وَاحِدٌ » رواه البُخَارِيُّ .
جمال الطبيعه نائبة الاداره
الدوله : التقييم : 4 تاريخ التسجيل : 10/06/2012
موضوع: رد: بَيَان أنَّ دِينَ جَمِيع الأنبياءِ هُوَ الإسلامُ الجمعة يوليو 20, 2012 8:01 am
ساجده لخالقي مشرفة اقسام  
الدوله : التقييم : 0 تاريخ التسجيل : 11/05/2011
موضوع: رد: بَيَان أنَّ دِينَ جَمِيع الأنبياءِ هُوَ الإسلامُ الجمعة يوليو 27, 2012 5:39 am
❤❤موضووع رائع وطرح اروووع ❤❤ يعطيكي العافيهـ هـ اختي الغاليهـ ❤❤ وان شاءالله الله يجعلهـ في موازين اعمالك ويسعدچ في الدارين ❤❤ تقبلي مروري المتواضع اختك في الله