الكذب.. صناعة تجميلية أم عادة بشرية؟أيمن الرفاعي رصد لكم هذا الموضوع لحياتكم..
من يقل لك إنه لا يكذب فهو كاذب، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا نضطر إلى ممارسة الكذب؟ هل هي عادة بشرية أم أننا نسعى إلى تجميل مواقفنا؟ كل ذلك نتعرف عليه من خلال العرض التالي..
<P dir=rtl class=entry align=center>
الكذب وثقافة المجتمع
يضطر معظمنا إلى ممارسة سلوك الكذب لأسباب عديدة، ويتحكم في هذه الأسباب ثقافة المجتمع الذي نعيش فيه، إضافة إلى الأخطاء التربوية التي يرتكبها الآباء في حق أبنائهم، حيث يسعى الآباء دائما إلى تعليم الطفل المثاليات والأخلاق، ولكن الخطأ الذي يقع دون وعي منهم هو أن الطفل لن يكون ملاكا بأي حال من الأحوال، كما أن الوصول به إلى مرحلة المثاليات وعدم الوقوع تماما في الخطأ لهو درب من الخيال، بل إنه مستحيل. ويترتب على ذلك معاقبة الطفل دائما كلما وقع بالخطأ حتى وإن كان هينا أو خارجا عن إرادته.
وهذا الطفل بطبيعته الإنسانية يحاول تفادي العقاب بكافة الطرق والوسائل والتي من ضمنها الكذب، نعم فالطفل يكذب كي يتجنب العقاب ويظل في منأى عنه.
ولأن من شب على شيء شاب عليه فإن هذا الذي كان يكذب في فترة الطفولة سوف يظل ممارسا لعادة الكذب خشية التعرض للعقاب مهما تقدم به العمر.
نعم إن السبب الرئيسي لممارسة سلوك الكذب هو الخوف من العقاب والرغبة في الفرار منه – عقاب الوالدين والمدرسين ورؤساء العمل وحتى الأصدقاء المقربين- ولا يشترط هنا العقاب البدني أو اللفظي أو حتى المادي، فيكفي أن تعرفي أن صديقتك المقربة سوف تقاطعك وتبتعد عنك إذا علمت بالحقيقة. إذن الكذب في أساسه ينبع من الخطأ التربوي والرغبة في الوصول بأطفالنا إلى درجة الكمال.
كما أن التربية تلعب دورها أيضا من ناحية أخرى ألا وهو التقليد والمحاكاة. فنحن نعلم أن وسيلة الطفل الأولى للتعلم هي تقليد الكبار، فهو لن يستقي معلومة من كتاب أو موسوعة ولن يتعرف على العالم من خلال الإنترنت، ولذلك فالكبار هم نموذج التعلم الفعلي لدى هؤلاء الصغار. فكما يتعلمون منا المشي والكلام وطريقة تناول الطعام، وكما نرى الطفل يرتدي نظارات والده والطفلة تستعمل أدوات ماكياج أمها تقليدا لهما فإن سلوك الكذب يتشرب إلى هؤلاء الصغار بنفس الطريقة. فكم من مرات عديدة يرى الطفل والده وهو يكذب! فمثلا عندما يكون الاتصال غير مرغوب به يرد الأب على تليفونه بأنه خارج المنزل في حين أنه يجلس مع أبنائه ووسط الأسرة في المنزل.
كل هذه المواقف تبرر لذهن الطفل أن الكذب سلوك مرغوب طالما أنه يحقق غاية معينة. وحتى الكذب الخفيف والذي نطلق عليه مجازا اسم “الكذب الأبيض” يؤدي إلى نفس الغاية وهي تأصيل هذه العادة في نفوس الأطفال والإبقاء عليها لتلازمهم على مدار مشوار الحياة.
على أن الخوف من العقاب أو سوء التنشئة لا يمكن أن يكون فقط سببا لعادة الكذب، ففي الحقيقة أن هناك شريحة واسعة من المجتمع تلجأ لهذه العادة لتجميل موقف أو تبرير لسلوك معين. ففي كثير من الأحيان نتصرف بطريقة معينة ثم نكتشف أن سلوكنا لم يكن لائقا ونعتقد أنه يحتاج إلى بعض اللمسات التجميلية التي من شأنها إظهار هذا التصرف بصورة أفضل، فمثلا عندما تتعمدين تجاهل صديقتك لدى مقابلتك لها بالسوق وعندما تعاتبك تحلفين لها بأغلظ الإيمان أنك لم تنتبهي لوجودها.
إن الهدف من وراء الكذب هنا يقتصر فقط على تجميل التصرف، ويضطر البعض إلى الكذب للحصول على مكاسب بدون وجه حق. وكم من مرة سمعنا عمن يدعون خبرات ومهارات في مجال معين للحصول على وظيفة ما ولكن سرعان ما ينكشف زيف هذه الادعاءات، بل إن البعض يلجأ إلى تزوير الشهادات والدرجات العلمية لأجل ذلك.
وإذا كان كل ما سبق أسبابا مفسرة لممارسة عادة الكذب فقد وجد العلماء أن هناك سببا غير مبرر للكذب عند بعض الناس. لذلك فقد أطلقوا عليه اسم الكذب القسري أو الاضطراري، لأن صاحبه يكذب تلقائيا دون أن يدري ودون أن يكون لديه سبب منطقي، مثال ذلك عندما تسألي صديقتك أين ذهبت بالأمس فترد أنها مكثت بالمنزل في حين أنها خرجت للتنزه أو زيارة الأقارب. هنا هي ليست مضطرة للكذب ولن تحصل على مكافأة معينة إذا كذبت، ولن تتلقى العقاب، فما الداعي إذن لأن تكذب؟
التفسيرات تراوحت بين أنها حالة من عدم الثقة بالنفس أو عدم الثقة بالآخرين، أو أنها مرض نفسي، ولكن في النهاية هو اضطراري، أي أن صاحبه يأتي به دون أن يدري، كما أنه لا يقوى على التخلص منه في معظم مواقفه الحياتية.
<P dir=rtl class=entry align=center>
التأثير المدمر للكذب
نتفق جميعا على أن الكذب هو أحد أنواع الغش، لذلك فإنه يؤثر بصورة سلبية على كافة مناحي الحياة.
ويعتقد البعض أن الشخص الذي يكذب يسبب الأذى للآخرين فقط وذلك عن طريق خداعهم. لهؤلاء نقول انتبهوا فإن الكذب يحدث تأثيرات سلبية مدمرة على الشخص الكاذب نفسه. هذا ما أكدته معظم الدراسات النفسية حيث وجدوا أن الذي يسرف في ممارسة عادة الكذب يظل دائما في حالة من الشعور بالذنب. وعندما رصد العلماء تأثير ذلك على صحة الجسم وجد أنه في هذه الحالة يقوم الجسم بإفراز قدر هائل من هرمونات التوتر والقلق، وهذا الأمر يؤدي إلى تسارع دقات القلب وعدد مرات التنفس في الدقيقة الواحدة. ليس هذا فحسب بل تم الكشف عن أن زيادة هذه الهرمونات بالجسم تؤدي إلى بطء عملية الهضم، إضافة إلى الحساسية الزائدة لألياف وأعصاب عضلات الجسم. ربما لا تبدو هذه الأعراض واضحة للشخص في حينها ولكن مع مرور الوقت ربما تؤدي إلى عواقب صحية وخيمة مثل السكتات القلبية والدماغية وأمراض الأوعية الدموية الحادة.
كما كشفت هذه الدراسات عن ارتفاع ضغط الدم لدى الكاذب في كل مرة يمتهن فيها هذا السلوك.
أما على الجانب الآخر فالشخص الذي يكذب خوفا من العقاب يؤدي إلى ضياع حق المجتمع، والأمر هنا لا يقل سوءا عن السرقة أو الاختلاس. كما أن الذي يمارس صفة الكذب للحصول على حقوق لا يستحقها فإنه بذلك يستولي على حقوق الآخرين. ويؤدي الكذب أيضا إلى تدهور العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد، ويمكن أن يؤثر على الحياة الأسرية بل ويتسبب في انهيارها خاصة إذا اكتشفت الزوجة أن شريك عمرها قد كذب عليها أو العكس.
<P dir=rtl class=entry align=center>
Quiz
إلى أي مدى أنت صادقة؟
إذا أردنا أن نبحث عن علاج لهذه العادة المقيتة فلن يخرج هذا العلاج عن كلمة واحدة “لا تكذبي”. ذلك هو العلاج الفعال الذي يقره علماء النفس لتخليص المجتمع من سلوك الكذب.
لا تكذبي معناه أنك سوف تربين جيلا على أساس من الصدق، كما أن ذلك يؤدي إلى معاملة الآخرين لك بنفس الحالة من الصدق. إذا طلبت منك صديقتك أو زميلتك بالمكتب مساعدتها في أمر ما فأفصحي مباشرة عن عدم قدرتك على ذلك، وعندما تتبدل الأدوار سوف تعاملك هي بنفس الأسلوب، وبالتالي تكونين سببا في القضاء على هذه العادة.
مارسي نفس الأمر عندما تأخذ أختك رأيك في الفستان الذي قامت بشرائه مؤخرا، ولكن السؤال الذي نوجهه إليك هل أنت حقا صادقة؟ هل أنت منوطة للقيام بهذا الدور؟ الاختبار التالي يكشف لك مدى صدقك مع الآخرين، ويميط اللثام عن طبيعة شخصيتك فيما يخص الصدق والكذب مع جميع من حولك. حاولي اختيار الإجابة المناسبة، ثم تعرفي على تفسير إجاباتك فيما بعد.
<P dir=rtl class=entry align=center>
1 – بمناسبة الاحتفال باليوم السنوي للزواج، اشترى زوجك خاتما غالي الثمن ولكنه لم يعجبك ما ردة فعلك؟
- خاتم جميل أشكرك.
- أنت تبدد المال بصورة مستفزة.
- يا له من خاتم أنيق ولكن مقاسه واسع سوف أذهب لتبديله.
- أشكرك ولكني لا أحب هذا التصميم.
<P dir=rtl class=entry align=center>
2 – دق جرس الهاتف وكان على الطرف الآخر صديقتك التي تحتاج لمساعدتك ولكنك مرهقة الآن..
- تفصحين لها عن تعبك وتحاولين التواصل معها.
- تقولين لها إنك على وشك الخروج من المنزل وتتمنين لها حظا موفقا.
- تقولين لها إنها يمكنها المجيء إليك ولكن لديك اليوم اجتماعا عائليا.
- تقولين لها إنها يمكنها المجيء إليك ولكنك لست في حالة تسمح بالمساعدة.
<P dir=rtl class=entry align=center>
3 – صديقتك تأخذ رأيك في فستان زفافها والذي لا يروق لك..
- إذا كنت تشعرين أنه جيد فهو كذلك لأنك صاحبة الشأن.
- ليس سيئا ولكن ابحثي عن بدائل أخرى.
- لا يمكنني الحكم فليس لدي الخبرة الكافية لإسداء نصيحة.
- إذا أردت وجهة نظري فهذا الفستان لا يناسبك على الإطلاق.
<P dir=rtl class=entry align=center>
4 – أنت الآن في السوبر ماركت وقد شاهدت امرأة تسببت في إسقاط برطمان من المربى وانصرفت وكأنها لم تفعل شيئا..
- تحملقين في وجه المرأة إلى أن تعترف بما فعلت.
- تخبرين البائعين كي يتمكنوا من تنظيف المكان.
- تتجاهلين الموقف فهو لا يعنيك.
- تتحدثين إلى المرأة مباشرة كي تعترف بما فعلت.
<P dir=rtl class=entry align=center>
5 – هل من عادتك الغش في الامتحانات المدرسية؟
- غالبا حيث تعتقدين أنها مهارة.
- تغشين من الجالسة بالقرب منك.
- لا تمارسين هذا السلوك على الإطلاق.
- في مادة أو مادتين فقط.
<P dir=rtl class=entry align=center>
النتائج
Results
تعرفي الآن على مدى تحليك بصفة الصدق.
<P dir=rtl class=entry>
<P dir=rtl class=cover align=center>
لكي تكوني كاذبة محترفة فلابد من وجود بعض الصفات التي لا توجد بكل الأشخاص، خاصة اختلاق القصص والأحداث التي تدعم موقفك، وفي نفس الوقت لا تظهر علامات الكذب على وجهك. كل ما سبق يؤدي إلى تصديق الآخرين لك.
جربي البحث عن وسائل أخرى غير الكذب لتدعيم موقفك.
<P dir=rtl class=cover align=center>
<P dir=rtl align=center>
معنى ذلك أنك تمارسين الكذب اليومي مثلك في ذلك مثل الكثير من الناس، ولكن لا تشعرين براحة في ذلك. ينتابك شعور بالذنب كلما كذبت على الآخرين لخداعهم. كما أنك تشعرين بأن كذبك يمكن أن يكشف في أي وقت، وهذا أمر مرعب بالنسبة لك. حاولي التصالح مع نفسك أولا مع المحافظة على مزيد من الراحة والاسترخاء ومن ثم الإقدام على قول وفعل الحقيقة فقط.
<P dir=rtl align=center>
* إذا أخذت معظم إجاباتك لعلامة المثلث فإنك تكرهين ممارسة الكذب
<P dir=rtl align=center>
تخافين من محترفي الكذب وتحاولين الابتعاد عنهم، تحتقرين فيهم افتقادهم إلى القيم الأخلاقية التي تتحلين بها. وكل ذلك أمور إيجابية ولكن ما يعيبك هو خوفك الدائم من الانزلاق بالكذب. هذا الخوف الذي يدفعك أحيانا إلى التملق.
تحرري من هذا الخوف ولا تكوني عنيدة مع من يمتهنون الكذب فلن تستطيعي تغيير هؤلاء فقط عليك بتجاهلهم.
<P dir=rtl align=center>
* إذا أخذت معظم إجاباتك لعلامة المعين فأنت إنسانة صادقة
<P dir=rtl align=center>
على الرغم من استحالة البعد عن الكذب ولكن هناك بعض الأشخاص الذي يمكن وصفهم بالصدق لأنهم لا يكذبون إلا للصالح العام مثل الصلح بين الأصدقاء. وهم يفعلون ذلك عن عمد ولا يشعرون بالذنب. في بعض الأحيان تخافين من فكرة الكذب على الرغم من أنك فعلت ذلك لقناعتك أنه ضرورة، فمثلا عندما تشتكي لك صديقتك من عدم حضور صديقة أخرى لحفل يوم ميلادها ثم تقنعينها بأنها مريضة أو أنها لا تعرف الموعد فهذا الكذب مستحب لعدم الوقيعة فيما بينهما، فلا تتوجسي ولا تخافي منه.
وكما قلنا سابقا إذا بدأ كل شخص بنفسه في التخلي عن هذه العادة الذميمة سوف يأتي اليوم الذي يمكن أن نعلن فيه بكل شجاعة عن مجتمع بلا كذب.